سجن ومعسكر انصار

أنــصـــــــار

الأسلاك الشائكة … الخيام المنصوبة … الكشافات الأبراج الحرس … مدينة جديدة يسكنهاآلاف الرجال … مدينة للقهر والخوف والظمأ اسمها معسكر أنصار...
معسكر بعيد ننساه أو يردون لنا أن ننساه ونعيش في معسكرات اعتقالنا الصغير… هذا المعسكر البعيد يمتد فوقنا بظلاله … الأصوات التي تأتي من خلف الأسلاك… كأننا جميعا هناك, أو كأن هناك هنا ...
كأن كل شيء يدخل في كل شيء فنصير نحن الأسر ونصير الأنصار
.آلاف الرجال جاء بهم الجلاد من المدن والقرى والمخيمات المحتلة قادهم بعيونهم المغصوبة …أيديهم المغلولة وساقهم من عذاب الىعذاب وكانت رحلتهم طويلة...
في هذه المدينة المعسكر يعيش آلاف الرجال حياة الانتظار …
يحتالون على الزمن ينتظرون يعيشون ويعلمون يحاولون أن لا ينسوا…
يحفرون في ذاكرتهم ذاكرتنا الجديدة…حكايات الجلاد والضحية…
يحفرون في ذاكرتهم ذاكرتنا من أجل أن لا ننسى ولن ننسى...
أنصار هي اليوم حكاية الجنوب اليومية بعضهم يخرج من معسكر الاعتقال ليعود اليه وبعضهم لا يخرج وبعضهم سيخرج وبعضهم سيدخل…
كأنه صورة مصغرة من الجنوب اللبناني أو صورة الفاقد قدراته على الكلام أو على الاحتجاج …
لكنهم في أنصار هناك وسط الشتاء والبرد يصرخون أخبار انتفاضتهم بدأت تخرج من وراء الأسلاك...

محمود درويش